من أشعار نجيب سرور

كلمات في الحب ـ شعر : نجيب سرور

آمنت بالحب .. من فيه يبارينى

والحب كالأرض أهواها فتنفينى

إنى أصلى ومحراب الهوى وطنى

فليلحد الغير ماغير الهوى دينى

ماللهوى من مدى

فاصدح غراب البين

هذى غمود المدى ..

أين المداوى أين ؟!

ألوجد يلفحنى لكنه قدرى

يانار لا تخمدى باللفح زيدينى

أنا الظما إن شكا العشاق من ظمأ

شكوت وجدى إلى وجدى فيروينى

جاء الطبيب وقال :

«أنا العليل .. أنا»

يافرحة العذال

فمن أكون أنا؟

تخذت من وحدتى إلفا أحاوره

من لوعة القلب ترياقا يداوينى

رافقت حتى الفراق لأنه قدرى

فيا رفاقى رأيت البعد يدنينى !

بعدت كى اقترب

وقربت كى ابتعد

ياويحه المغترب

ما للهوى من بلد !

ياقلب بالله لا تسكت فإن مدى

من القرون غراماً ليس يكفينى

صفق وزغرد وقل هاتوا سهامكم

يا ليت كل سهام العشق ترمينى

ما نفع نبضك إن لم يستحل دمى

إن لم ترق يا دمى ماذا سيرقينى

مضى الشباب هباء

يا ليت كنا عشقنا

ها نحن أسرى الشقاء

فى العشق هلا أفقنا !!

هجرتكم وشبابى فى الدماء لظى

وجئتكم وحريق الشيب يطوينى

سلوا الليالى هل ضنت بنائبة

سلوا النوائب .. يادور الطواحين !

آمنت بالحب من فيه يبارينى

والحب كالأرض أهواها فتنفينى  

إحباطات شعرية ـ شعر : نجيب سرور

الإحباط الأول :

لأن العصر مثل النعش ..

لأنى جثة فى النعش ..

لأن الناس .. كل الناس ..

دمى من قش ..

لأن ..

لأن ..

(المعنى فى بطن الشاعر ،

والشاعر عدو خواء البطن ،

جوعان فى القرن العشرين ،

والإنسان الجائع كلب !

كم فى الجيب ؟!

ماذاكنت أقول ..

كنت أقول الشعر ..

أشعر أنى ميت ..

فإلى الفول بزيت ! .)

الإحباط الثانى :

بالأمس عدت فى الصباح ..

من رحلة الضياع فى المدينة ..

كان الصباح مثل وجه قرد ..

والشمس مثل إست قرد ..

وحين كنت أعبر الطريق ..

كادت تدوسنى سيارة !

كأنها تخالنى إنسان ..

ياغابة النعال ..

أليس ثم من مكان ..

فى الأرض لا يدوسه إنسان !

(ياقريتى ..

يا ..

قد شوهوها لم تعد تلك التى أحببتها ..

مدينتى كقريتى فى جوف أخطبوط !

علمتنى الغناء يا إخطاب ..

غنيت ، كم غنيت ..

وها أنا أغوص فى رمال الصمت ..

واختنق .

العش يحترق ..

ويهرب العصفور ..

يا أيها العصفور عد ..

يا أيها العصفور عد ..

يا أيها ..

لا فائدة !)

الإحباط الثالث :

ألليل أخطبوط !

مدينتى فى الليل تدعى الهدوء ..

لكننى أموء ..

كقطة جريحة فى البرد ..

مدينتى ابراج ..

والبرد كالكرباج ..

مشيت طول اليوم ..

كما مشيت كل يوم ..

فى الليل والنهار ..

بغير مأوى يامدينة السواح ..

ياجعبة الجراح !

هذا الهدوء مصطنع ..

ألوحش يستريح ..

لكى يقوم فى الصباح ..

يستأنف الهجوم !

الأخطبوط ..

– بطاقتك !

– تفضلوا !

– ما مهنتك !

– كثيرة هى المهن !

لكنه النصيب !

– ما حرفتك ؟

– قد ادركتنى حرفة الأدب !

أنا أقو الشعر !

– وتكتب الأشعار ؟

– وآسف أنا !

ألم أقل هو النصيب ؟!

– هو التشرد .. الشغب ..

هيا معى !

……………..

……………..

( ويثقب الصباح نافذة ..

هذا أنا فى الحبس !

الليل والنهار أخطبوط )!

الإحباط الرابع :

أفتش فيك عن إسمى ..

وانت مدينتى أمى ..

معلمتى .. وملهمتى ..

وقابلتى وقاتلتى ..

افتش فيك ..

اعلان :……………..

سينما :……………..

مسرح :……………..

اذاعة :……………..

تلفزيون :……………..

صحف :……………..

مجلات :……………..

كتب :…………….. !!

الإحباط الخامس :

حين ترون الموت الأسود ..

الطاعون .. بأى مدينة ..

لا يدخل باب مدينتكم للموت مغامر ..

لا يخرج من باب مدينتكم أى مهاجر ..

فالموت الأسود لا يجدى منه هرب ..

لا يعصم منه الطب ..

لا تجدى الحيلة حين يغوص النصل المسموم بقلب!

لا يجدى السيف المدفع ..

لا تجدى الحرب !

لا يجدى غير الصبر الإصرار الصمت ..

والمكر بكل صنوف المكر !

ليس يفل الشر ..

غير الشر ..

( الإحباط الخامس محبط ..

فليعبر من غير هوامش !! )

الإحباط السادس :

لاتنتظر ، أيها الربان إنى متعب ! لا .. تــ .. نــ .. تــ .. ظ .. ز .. نى

لا .. تنــ ..

( ناظم نام ..

تعب الآباء فناموا ..

ماذا فى وسع الأنباء !

لكن .. لكن .. أين أنام ؟! )

الإحباط السابع :

نفس الإحباط الأول ..

( ياللعصر اللولب ..

فلنبدأ من حيث بدأنا ..

.. .. .. .. .. ! )

أغنية عن طائر ـ شعر : نجيب سرور

إذا ما الطائر الصداح قد هدهده اللحن

ورفت نسمة الفجر على أشجانه تحنو

هناك السحر والأحلام والألحان والفن

هناك الطير مثل مسيح

يغنى لحنه للريح

.. ذبيحا .. من قرار ذبيح !

صحا الطائر حيراناً يبث الليل أشجانا

ويجلو طلعة الصبح ليهدى الصبح ألحانا

فما كذب إيمانا ولا صدق برهانا

فهذا العالم الحيران ما ينفك حيرانا

وكم غنى هو الطائر

وقبلا كم ثوى طائر

أما للسرب من آخر ؟!

إلام نجئ ثم نروح لا جئنا ولارحنا

إلام نعيش ثم نموت لاعشنا ولا متنا

هو المنفى إذا كان البقاء قرين أن نفنى

يتامى نحن ياأطيار

دعوا الآهات للأشجار

فقد جزت بلا منشار!

علام نبتنى الأعشاش والحيات فى الأعشاش

إلام نسير كالعميان والممشى طريق كباش

وفيم الخلف كم منا قتيل مثل من عاش

هو الحتف الذى يصمى برغم الضوء جيش فراش

نسابق للخلاص النور

فنغدو فى لظى التنور

وها النافذة السور !

ملى طائرى فى الكون ثمة حار ما الجدوى

إذا كانت أغانينا تباعاً مثلنا تروى

وهذا الكون يطوينا فهل فى مرة يطوى

فما الجدوى .. فما الجدوى .. فما الجدوى ..

رويدا أيها الثائر

فليس القدر الساخر

ولكن دوما الشاعر !

إذا ما الطائر الصداح قد هدهده اللحن

ورفت نسمة الفجر على أشجانه تحنو

هناك السحر والأحلام والألحان والفن 

حب وبحر وحارس ـ شعر : نجيب سرور

كانوا قالوا : ” إن الحب يطيل العمر ”

حقا .. حقا .. إن الحب يطيل العمر ! !

حين نحس كأن العالم باقة زهر

حين نشف كما لو كنا من بللور

حين نرق كبسمة فجر

حين نقول كلاما مثل الشعر

حين يدف القلب كما عصفور ..

يوشك يهجر قفص الصدر ..

كى ينطلق يعانق كل الناس !

كنا نجلس فوق الرملة

كانت فى أعيننا غنوة

لم يكتبها يوما شاعر ..

قالت :

– .. صف لى هذا البحر !

– يا قبرتى .. أنا لا أحسن فن الوصف

– واذن .. كيف تقول الشعر ؟ !

– لست أعد من الشعراء

أنا لا أرسم هذا العالم بل أحياه

أنا لا أنظم إلا حين أكاد أشل

ما لم أوجز نفسى فى الكلمات

هيا نوجز هذا البحر

– كيف .. أفى بيت من شعر ؟

– بل فى قبلة ! !

عبر الحارس .. ثم تمطى .. ” نحن هنا ” !

ومضى يلفحنا بالنظرات

” يا حارس .. أنا لا نسرق

يا حارس يا ليتك تعشق

يا ليت الحب يظل العالم كله

يا ليت حديث الناس يكون القبـلة

يا ليت تقام على القطبين مظلة

كى تحضن كل جراح الناس

كى يحيا الإنسان قرونا فى لحظات ”

ومشى الحارس .. قالت ” أوجز هذا البحر ” !

كان دعاء يورق فى الشفتين

– يبدو أن الحارس يملك هذا البحر

يكره منا أن نوجزه فى القبلا ت !

– فلنوجزه فى الكلمات ..

أترى هل يملك أن يمنع حتى الكلمة ؟ !

لهذي الجموع ـ شعر : نجيب سرور

فتاتى .. ما غيرتنى الســنون و لا غيرتك
احبـك مازلت .. لــكنني
صحوت على صرخــات الجمــوع
و خطــو الفنـــاء الى أمتي
رأيت الحيـاة تموت هنــاك
على مذبح اليــأس فى قريتي
تريـد النشــور !
أفـاتنتى .. ان مضى الســالكون
على أرضنا فى الصــباح القريب
يلمـون فى النـور آثارنـا
فمـاذا تراه يقول الدليــل


اذا ســألوه عن الحــالمين
عن اللاعبــين .. عن الشــاربين
عن الراقصــين .. عن الســامرين
عن النــائمين بليــل الدمـوع
على زفرات النفوس الموات
عن الهائمــين ببحـر الدمـاء
على زورق من جنـاح الخيــال
و قـد غلفـوا بالنبيــذ العيــون
و مرت عليهم جموع الجياع و مروا عليها ..
فــلم يلمحوا ذلـه البائســـين
ولم يســـمعوا أنـة اليائسـين
وراحوا يصــوغون فى حلمهم
عقـود الدخـــان
كمــا ينســـخ العنكبوب الخيوط
فمــاذا تراه يقول الدليـل ؟
أأســمع وقـع خطى الطاغيــه
يدب على حثث الســاقطين
و يطحــن بالنعــل كل الجبـاه
وأقعــد .. لا أســـتفز الحيـــاه
و أحــلم .. لا أســـتثير الجمــوع
لتضرب بالنعــل عن الطغــاة
لتحيـــا الحيـــاة ؟
أأســـمع حشرجــة الأشــقياء
يئنون من قســوة العاصفــه
و قد لفحتهم ريــاح الســموم
و أجلس كالطفل أحصى النجــوم ؟ !
أأســمع قهقهــة الطاغيـــة
يســـير بمركبــه آمنــا
فخــورا كنــوح
و قد أغرق القوم طوفا نــه
وأقعــد لا أخرق المركبــا ..
ولا أنفخ الروح فى الغــارقين ؟ !
أأحــلم و الليـــل من حوليــه
دعــاء يؤرق عين الســماء
ولكنهـــا لا تجيب الدعــاء
وهـــل أهب الكأس الحانيــه
ولا أهب الشـــعب لحن القيـــام ؟ !
أفاتنتى .. فى احمرار الورود على وجنتيك
رأيت الدمــاء
دمــاء المســـاكين فى قريتي
يعيشـــون كالدود فى مقبره
هم الدود و الميت يافتنتى !
أفاتنتى .. فى اختناق السواد على مقلتيك
رأيت الشـــقاء
يلف بأذرعــه الهــاصره
جســوم الملايين من أمتى !
أفاتنتى فى انسياب الحيــاة على شفتيك
رأيت الجفـــاف
رأيت سراب الحيــاة الشحيح
تصــوره لهفـة الظــامئين
وهذى النجوم عيون العبيد تطل علينا
و قد جحظت بالعـذاب المقـل
أفاتنتى و رأيت الرءوس ألوف الرءوس
معلقــة فى فــروع الشــجر
وقد شنقتها حبال الشتاء كشنق الثمر
وســوقا كبــيره
يبــاع بهــا عرق الكادحــين
بســعر التراب , ولحم البشر
أفاتنتى ورأيت الجموع
تســير بمصباحهــا المختنق
لتبحث عن لقمــة ضائعـة
ويــأتى المســاء ..
فتــأوى الى جحرهــا جائعـه
وفى كفهــا حسرة ضــارعه
وتطوى على جوعهــا يأســها
كمـا تنطوى فى الثرى قوقعـه
ويســدل ســتر الظــلام الكثيف
على مشــهد من صراع الحيــاه
ليبدأ فى الصبح فصــل جديد
فتمضى الجمــوع بمصباحهــا
” لتبحث عن لقمــة ضائعــه ”
فهـل أهب الكــاس ألحانيــه
وقد زرعوا أرضــنا بالعذاب ؟
فتاتى .. ما غيرتنى السنون ولا غيرتك
أحبــك ما زلت لكنني
وهبت النشــيد لهــذى الجموع !


أضف تعليق