الحب لا يشفع لي
انصهاري
و انسحاقي
و بكائي
الحب يسطو علي أنفاسي
و آهاتي
و مناجاتي
الحب أشرب منه
ماءك العذب
و أستظل بسواد عينيك
يا مليكتي
أهواك
وهَبنــي قلـت: هـذا الصبـحُ لَيـلٌ * أَيعمــى العــالَمونَ عَـن الضّيـاء؟
20 أكتوبر 2012 أضف تعليق
in أدب
الحب لا يشفع لي
انصهاري
و انسحاقي
و بكائي
الحب يسطو علي أنفاسي
و آهاتي
و مناجاتي
الحب أشرب منه
ماءك العذب
و أستظل بسواد عينيك
يا مليكتي
أهواك
23 أكتوبر 2011 أضف تعليق
in أدب
ظننت أن الموت له علامات مرصودة ، برودة الجسد و جحوظ العينين ندما علي فراق الحياة ، لم اعرف أن الموت فراق حبيب إلا بعد بعدك ، وان الحياة بدونك خواء قاتل ، وان جسدي تحول لقطعة من الخشب لا روح فيها و لا حياة ، و روحي فقدت قدرتها علي التعاطي مع امرأة غيرك ، غابت شمسك فجفت عروقي ، و تاه عقلي بين أمسي و يومي ، ذكراك موج يأخذني بين طياته فأغيب عن نفسي ، و التحف ألمي و اتخذ من ابتسامتك وسادة أنسي ، لا لم تغيبي ولكن سر الوجود غاب عني .
06 ماي 2011 أضف تعليق
ترجمة وتقديم انعام الشريفي جون ميغاهرن: تلة الجُرف والبحر
الكاتب الايرلندي الذي كاد يُجمع النقاد على انه الكاتب الأعظم في النصف الثاني من القرن العشرين في إيرلندا، وأحد الكتاب الكبار في هذا العصر. وإن كان قد عُدّ خليفة صامويل بيكيت لكن كتاباته شُبهت بأعمال أنطون تشيخوف وجيمس جويس وأيرنست همنغوي.
أديب أيرلندي لامع، موغلٌ في الجدل والاستفزاز، يتبع في كتابته البنية القصصية والروائية الكلاسيكية المتعارفة لكنه يضمّن فيها تحديّات لقيم تقليدية اجتماعية وجنسية ودينية شوهاء سائدة في بلده، ويلقي فيها الضوء على أبطال باتت حياتهم في إيرلندا الحداثة ترفل بالكبح والقيود، ويدقّق في موضوعات الحب وتقوّضه، وانهيار التوافق في الحياة الزوجية، وتعسّر بقاء الأمل، والأعباء الناجمة عن ضيق الأفق الأيرلندي والعقيدة المنغلقة. وإذ تدخل في بيانه مفردات وصياغات دينية، ومجازات ورموز مكرّرة، فإنه يعرض رؤية لإيرلندا المعاصرة تغصّ بصور الموت والظلمة والعقم والعجز. (نبذة مقتطفة من “النقد الأدبي المعاصر عدد 156)
كتبَ في الرواية والقصة القصيرة والمسرح. وكان لكل رواية من رواياته الست أثرا صاخبا وجدليا في المحيط الايرلندي حتى أقصيَ من عمله كمدرّس وعادَته أوساط عديدة. لكن أعماله لاتتحدد بهذا المحيط ، فهو ينطلق من المحلّي ومن تدوين الحدَث المذكرّاتي اليومي الى العالمية والانسانية كما يبيّن في رؤياه للأدب. ولعل هذه المقولتين له التي اقتطفتها من عشرات تجسّد بعض رؤاه.
مقولات له:
“كلّ مانرِثهُ من المطر والسماء والكلام، وكلّ مَن يستخدم الانجليزية في عمله في إيرلندا، يعي أن شبح اللغة الغيلية المائتi يربض في اللغة التي نستخدمها ونصغي اليها وأن هذا مايعكس هويّتنا الأيرلندية”
“أحسب أن ثمّة فارقٌ كبير في الوعي من حيث أننا في صغرنا نقرأ الكتب طلباً للقصة، وبحثاً عن الإثارة فيها، ولكن يحين وقت ندرك فيه أن القصص جمعاء ليست إلاّ قصة واحدة”
أقدّم نموذجا من أعماله للقارئ العربي في لوحة مبهرة مأخوذة من مجموعته القصصية الأخيرة (2006) التي جمعها بنفسه من مجموعته الصادرة (1992) بعد المراجعة لها والأضافة عليها.
تلة الجُرف والبحر
ينزوي الشارع أزاء نزل باركس للضيافة، حبّات من الرمل تَرِدُ من جهته الى الخملة الرمادية لكرة التنس، الوَثب المتراخي للكرة تحت يدي يشابه تلك الاحاديث المتناهية من جانب الأريكة الخضراء قبالة المشتل الزهري، حيث تلوح الأجراس الحمراء لشجيرات الفوشيا المزدهية بالحياة وبعض من الأوراد مع زهرات القرنفل الى الخلف، وكانت الأرض المحيطة بجذور كل شيء هناك قد استحالت بقعاً من القواقع يعلوها غطاء الجص المرصّع بالحصى الذي يغطي جدار النزل والذي استباحته الرياح.
كانت السماء في حشوٍ دائب فلابدّ أن يهطل المطر، وتنغلق الجدران عن المساء النضّاح، وعندما ترفع النظر الى النوافذ الغمامية، تدرك أن أصوات أحاديثهم تطرقك لامحالة .
“كان هناك أمتعة ذات جودة في أسواق (بيبي فورد آند أوستن)، فالسيارات التي تسري هنا ليست إلاّ كعلبة صفيح قياسا اليها” قال ذلك السيد مِكفايتي، وكانت السلسلة الذهبية الثقيلة التي تمسك ساعته والتي تمتد عبر صدار بدلته البنيّة، وشعره الفضي اللئلاء المفروق من وسطه، والعصا في يده ذات المقبض الزخرفي تجعله يبدو وكأنه قد فرغ لتوّه من صورة بظلال صفراء لحفل زفاف.
“إنها فقط لم تك بالسرعة التي عليها سيارات اليوم” أضاف ذلك السيد أوكونر الذي يتبع مِكفايتي طوال الاسبوع مثلما يتبع كلب ضال أي زوج من الأحذية تترائ خلال الليل إياباً للبيت.
“قبل الحرب وقبل زواجي كان لدي احدى الستروين القديمة، وكان بامكانها السير بلا انقطاع لولا أنها تستهلك الكثير من الوقود” قال ذلك السيد رايان وعيناه تراودان كرة التنس وهي تعلو وتهبط في جادّة الشارع.
المحادثات في اجترارٍ دائب، كأن تكون عن مدى ارتفاع بندقية أنفيلد أو الصيف بالثياب الطويلة أو عدد الأميال لكل غالون وقود، هكذا منذ الصباح الى الوهج الأخير للسجائر على أرائك الليل، هي ترداد للمعلومة، معلومة حول أي شيء. فهي حالما تنفضّ عن فاه الليل، فأنها تطرف بمعلومة ما عن اي شيءٍ حواليها قبل أن تبرح الساحة عاجلاً ورُغماً.
اتخمت السماء فوق خليج سليغو وزحفت الظلمة عبر سلسلة الشوارع والكنائس، ولم يتبق شريط صافي من الزرقة فيما خلا بين الباركس ونوكنارنيا، وعندما سيمتلأ هذا الشريط بدوره فإنّ المطر والنوافذ المغسولة بالبخار وكومة المعلومات تظلّ مهيمنة على النهار حتى يتوطد الظلام.
وكانت الرَهبة من السماء قد سمّرتهم منذ الصباح على الأرائك بمنأى ميلٍ عن الجرف المنحدر الذي قصدوه للترويح ، الرهبة من المسير الطويل المثقَل تحت المطر فيما بين كِنكورا ومركز المدينة مرورا بملعب الغولف، إلاّ إنه مايلبث هنا ثمّة هواء يطيب لهم هو عبق البحر وفيه بعضٌ من عزاء. بل وحتى ضفة الساحل حينما توافيها في جوٍ معتدل وتقطع ذلك الميل الى المنحدر، ويذهل لبّك عن مسافة الميل الذي تركت فيه الديار في الأعالي، وتكون في حيازة جرف التلة فأنك تجد باستواءٍ منك وعلى امتداد أميال مدفعاً حربيّاً يصوّب الرأس الى الأطلنطي وهو في عربته الآيلة الى التفسخ التي صُمّمت له ابتداءاً وكأنه مايبرح يحرس ردهتي البوظا، حيث النساء عند حافة البحر أثناء الجَزر، وإحداهنّ تحمل طفلاً تمسكه في ذراعٍ وتشدّ بقوة على تنورتها بين سيقانها بذراعٍ أخرى، ويبدين كما لو يصهلن لكل رشقة مياهٍ على أقدامهن قبل أن تنفتل أيابا حول كعوبهن بلونٍ أحيل بنياً ؛ يستوي كل هذا الأمَد ليغبط الآخرين على الدلاء وكرات اللعب على الشاطئ ويبثّ حبوراً يضاهي ماتبثّه إقامة ملوكية.
هرعت السيارات أميالاً لكل غالون، مايلبث على الأريكة: خمسٌ وعشرون، اثنان وثلاثون، تسعٌ وثلاثون بتوقيت متقن وباستخدام متزايد لدوّاسة القابض اكثر من الكابح. وكان هناك ضيف آخر وهو السيد هيدون الذي كان قد وضع أعمدة الصحيفة حول السباق على طرف الأريكة ذاتها؛ شبكة للشعر من الخيوط الارجوانية على الوجه، رحّالة للكسب والتجارة. هنا نطق مِكفايتز “لم تحقق المستوى المطلوب” “حلّ وقت القفزة”. أمّا على الأريكة الأخرى فقد انبسطت كنزة يظهر فيها تصميم “لجزيرة فير” فيما بين السيدة أوكونر والسيدة رايان اللتين تحلّق حولهما أطفالٌ بكلّ صنوف الوقفات. ليس إلاّ إنغولسبي، استاذ لغة انجليزية متقاعد، مَن جلس وحيدا بينما كانت كرة التنس تتواثب او تتوقف.
“في أي جزء من العالم تقع لاغوس؟.” نزع هيدون الصحيفة عنه بهياج ليضع حدّا للدوّاسات البالية “لابد انك تعرف الاجابة ياسيد رايان فأنت مدرّس”
“أظنها في أفريقيا” بدرت منه إجابة غير واثقة، وكان دفق الحمرة المباغت والشحوب قد استجلبا انغولسبي الى الحوار.
“أن يكون أحدهم مدرّساً ليس سبباً أن يعرف أين تقع لاغوس.”
“إن لم يعرف المدرسّون هذه الأشياء فمَن ياتراه يعرف؟” وبغضب أضاف هيدون” ألا ينبغي لهم أن يعلّموا تلك الأشياء للأطفال؟”
“إن كان على المدرّس أن يقدّم درساً في الجغرافيا فأنه يبحث في المناهج مسبقاً. فالطبيب لايجول مع علل مرضاه عبر رأسه بل لديه ملفّات لذلك.” فسّر إنغولسبي ذلك بقناعة مطبقة.
“إلاّ أنّ ذلك بحق الجحيم لايقرّبنا من النتيجةً في أي ٍ تقع لاغوس؟”
قال إنغولسبي “إنّها في نيجيريا”
وبذل رايان مسعى لتلطيف جو الشحناء ” إنها في نيجيريا، في أفريقيا.”
قال هيدون بحدّة “هذا ماأردت معرفته، شكرا لك أيها السيد رايان.” ودفن رأسه ثانية في الصحيفة.
أضاف أوكونر “إنك لتذهل عندما تفكّر في العدد الفعلي للأماكن في هذا العالم،”
وقال مِكفايتز “يمكن للمرء أن يقضي عمره يتعلّم أسماء الأماكن لكن يظلّ منها عددٌ كعدد حبّات رمل الشاطيء،”
كانت الكرة سائبة في يدي وكان المدّ على أقصاه وكان هنالك زورق لنقل الفحم في القناة يشرع بالخروج من خليج سليغو، ولم يعد ثمّة بقع زرقاء في واجهة نوكناريا.
جمجمة صغيرة في موقع الصلب السنوي للفقراءii بين باركس والمدفع الحربي بمدّ ميلٍ أسفل التلة وأعلاها. وكان البحر الهادي يتدانى الى خليجٍ صغيرٍ جارٍ نحو باليسودير ومارّاً بحوض مياه الأخطبوطات، وإذ هو مهجور هكذا فما من تحاسد فيه، إلاّ اليوم الأوحد الذي تنكّسُ فيه الرايات وتُقام السباقات عند انخفاض المد، ولكن حتى عند سكون الموت هذا فإنّ عناء سماع الأصوات البشرية عبر ملعب الغولف، و بينهم جين سمبسون هناك، لامحيص عنه.
كان أوّل سقوطٍ للمطر على صحيفة هيدون ذي جلبة، ثم تلاه من داخل البيت تصاعدٌ شامل وزياحٌ مترنّم يُوقَعُ بين قطراته الهامدة المتناثرة.
“تخيّل الاسم الذي أطلقوه على هذه” توّقف إنغولسي ليرفع زهرة بين لون الدم والبرتقال ناحية رايان وهما يغذان السير نحو مشتل الأزهار.
اعتذر رايان ” لست متضلّعاً في عالم الأزهار،”.
وأعلن انغولسبي الاسم “مُتَسلّق السيدة سام مِغريدي، متسلّق السيدة سام مِغريدي”
ردّ رايان بلا تمعّن ” الأسماء فكاهية،”.
“الأسماء تكون فكاهية بحسب ماتصوغها،” ردّد ذلك إنغولسبي بتهكّم. “سلام أو أنّا هاركنس أو حتى مولين روج ولكن ليس متسلّق السيدة سام مِغريدي! فهي قنبلة ذرية،” ومن ثم أخفض صوته . “لاتشعرّن أن عليك أن تعرف شيئاً لأنك تدرّس وحسب. لاتدع أحدهم يتنمّر عليك بفرضياته المتغطرسة فيما يجب أن تكونه. فلتقل أنك لاتعلم، وأن هذا يمكن أن تعثروا عليه في الكتب، إن كان الأمر يعنيهم. أن تتظاهر بالمعرفة هو مايبعث على الحرج.”
وكانت هذه المشورة قد حثّت من الأعماق الى عيني رايان شيءٌ يسير من الكره بينما كان يخطو خطوته الأخيرة نحو الباب.
وصارت الآنسة أفانز المنضم الوحيد لطعام الغداء مع الجماعة، وعندما أخليت النفايات مع الملاءات التي استخدمت كغطاء للمائدة، والتمع بريقٌ خامد لطلاء عتيق يكسو الطاولة البيضاوية الشكل حول أناء زهور أعيد اليها ليستقرّ في الوسط ، قامت السيدة باركس باشعال نارٍ صغيرة من الفحم في الموقد المشبكي وكأنها تعتذر عمّا يخلّفه المطر من عتامة. كلّ مشارب المساء قد تقوّضت، وارتفعت تنهيدة متواترة فيما بين الحوارات “إن المطر كريه حيثما كان، لكنه عند البحر، عند البحر، فهو القضاء المبرم”. وكانت الحاجة الى الانفلات الى عالم ما آخر تتنامى بضراوة، لكن ليس من مالٍ لتحقيقها.
“فلأسرق، فلأسرق، فلأسرق،” بات المخرج الوحيد.
ومن ثمّ المعطف المطري، وانعطافة الى جنوب الغرب، والى الخارج – دون التفات. وكان الضباب يتوطّن نصف طريق المنحدرات الى نوكناريا، والمطر والضباب يغشيان البحر. وعند اجتياز هاغاردز، والمجاز عبر فندق الأوز باللافتة التي تسرح فيها أوزة كأنها نابعة من قشارة البياض، صار القَطْر المنتظم النازل من المرازيب ذي دوي أكبر من وقع انحسار البحر وزعقات النورس، وصار وهج المصباح الكهربائي يسفع الضباب على نافذة “بيبلز”، دكانة الحلواني وبائع القرطاسية، ومن ثمّ الرجّة التي يحدثها جرس الانذار في رنينه عند فتح الباب.
وكان ثمّة فتاة مُغرقة باللون الأزرق تساعد رجلاً على انتقاء بطاقة بريدية بينما كانا يقهقهان.
استدارت الفتاة “هل من خدمة؟”
“أرغب في جولة للنظر” كان هذا هو المنفذ الوحيد الممكن، ومن حُسن الصدف أنها كانت منشغلة مع الرجل.
صفوف من مجلاّت الرسوم الهزلية على منصّة الدكانة، ساعات من الانفصال الحسّي عن الحياة في باركس، فهاهي وِزارد وهوتسبر وروفر وشامبيونiii، عوالم كاملة.
فلأضع الهوتسبير فوق الوِزارد، وكلاهما فوق الكومة الصفراء لمجموعة الروفر، واسحبُ النفس بينما كان الرجل يدفع ثمن الكرتات البريدية. مُطلق السراح أرفع الثلاثة وأدسّها تحت المعطف المطري مُطبقاً عليها بمرفقي وعلى جانبي بقوة. وأمشي.
قال الرجل ” هل من حظ أن أراكِ بالخفّ الفضي الليلة؟”
ردّت عليه ” بل هناك أشياء اكثر غرابة قد حدثت في العالم،” وضحكا ثانية.
كان من الاستحالة أن أمشي على نحوٍ طليقٍ وعفوي الى الباب، بل كنت أحثّ الخطوة خلف الخطوة، فأن تفكّر أنك تمشي وتنتظر طوال الوقت صيحة تهجم من خلفك “المعذرة”، هكذا قد تستهلّ، ومن ثمّ العار والشرطة. أن يُقبض عليك هو السبب الأوحد للكف عن السرقة، أما في الآخرة فهذا ليس إلا ذنب مُغتَفَر، وليس له إلاّ المطّهر، كما أنه ليس إلاّ القديسين وحدهم مَن يجتاز الصراط الى الجنة.
خطوة فخطوة، من ثمّ خطوة جسِرة ومامن هجمة، ورنين ادخال الصِرافة وعقبه جرس الانذار فوق الباب، ونفس الصعداء عند شمّ الرطوبة خارج الأبواب المشرعة على البحر الغمامي الى ماخلف ملعب الغولف، والمطر يهطل كما هو عادته كل الأيام. وعبر الهاغاردز وفوق الرمل المخضّل بالماء المنتثر في الشارع ، كانت قطرات المطر تتألق في التموجات الحمراء لزهور عند الجدار.
” من أين أتيت بالمال لهذه القاذورات؟” جاءني السؤال حال دخولي الحجرة.
“عثرت على ستة قروش في المقدمة بالأمس.”
” لماذا تظل عالقاً في تلك القمامة، لمَ لاتقرأ شيئاً مُجدياً مثل شكسبير، فهذا سيأتي بالنفع عليك لاحقاً؟”
تلك النغمة القديمة: ذو نفع لك لاحقا.
“لست أظن أن الهزليات بضارّة كثيرا، والذوق الرفيع لايُصقل في يوم. فنحن نرتقي الى درجات أعظم بالعبور من فوق الأحجار تحت اقدامنا،” أقحم إنغولسبي نفسه.
“أحسب أن في ذلك بعض العزاء.” كان رايان ينزع الى الفرار إذ يعي ماستوجده محادثات إنغولسبي بمواضيعها المضجرة من التنافر، فهي تنزل به كوقع التقريع والقدح ولكن هذه المرّة لن يسعه النفاذ بسهولة، فإن إنغولسبي كان ايضا قيد الحاجة أن يعتاش من جَلَبة صوته في هذه الأمسية البليلة.
” مارأيك برواجيّة شكسبير في عالم اليوم؟”
“لايسهل التحديد” أرجأ ثانية وعيناه تجولان بقلق حوالي الغرفة. زوجته على الأريكة مع السيدة أوكونر تقوم بقياس كنزة صوفية على ابنتهما؛ ومن فورها ستعود للحياكة بسكون وأناة بينما يحلّ الليل شبيهاً بكل الليالي في حياتها المُفعمة بالصبر. وفيمَ هو كذلك بادر مكفايتز الى أوكونر “إن الحوانيت في الريف قد تضرّرت بشدة بسبب الهجرة لكننا نجحنا في البقاء بل تفرّعنا الى خطوط جديدة، فمثلا صار لدينا الآن محطة إسو لضخ البترول، إننا نتغيّر مع الزمن.”
وأقرّه على ذلك أوكونر “أنه قانون من جوهر الطبيعة أن كلٍ بني البشر عليهم أن يقوّموا رؤسهم باحكام بما يعلّمهم التغيّر مع سيرورة الزمن والبقاء.”
انقسمَ الناس في الحجرة الى مجموعات، حشدٌ هنا وحشدٌ هناك، وعندما رفعت الآنسة أفانز ذراعها من الكرسي للتثاؤب، مال هَيدون الى الأمام “لعلّه كان هناك بعض اللهو من ضروب التسلية القديمة الليلة الفائتة.”
ضحكت مبتهجة “استمحيك العذر ياسيد هيدون.”
“هكذا النساء جمعاً، يحفظن الحشمة حتى يصل الأمر الى صُلب الموضوع، وعندها وبقدرة قهارة تتحوّل الأشياء. ومَن عساه يمانع في دحرجةٍ من مثلِ أيام الزمان بين تلال الضفة بعد الرقص؟” وهنا رفع نبرة صوته ليغيظ إنغولسبي الذي كان يراود رايان النافر منه من أجل محاورة حول الشاعر ووردزوورث.
ضحكت برّقة وكان في ضحكتها لمحةٌ من التحدي للعدائية البادية لدى السيدات المتزوجات وابنائهن، واكتفت بشبح ابتسامة وهي تنقل بصرها الى النوافذ المسلّمة لرشح المطر عليها.
” لاتغرينا الليلة تلال الضفة بشيء، ياسيد هيدون.”
أجابها ضاحكا لها بدماثة “طالما أن هناك إرادة معتقة، فثمّة وسيلة من الزمن الغابر.” وبصوتٍ هدّجه مابدا وكأنه ندماً تسائل “كان ليلتك الفائتة ليلة الخُفّ الفضي، اليس كذلك، أخبرني الطير.”
“الطير مُصيب، فالنقاط الزرقاء على زهر النرد كانت تلعب هناك.”
“المطر، المطر عند البحر كالزُعاف.” واستدار كالذاهل من اعياءٍ أو من ذكرى، وتوّجه الى رفّ الموقد والتقط صدَفة بيضاء وثبتها الى اذنه ليصغي الى هديرها.
“إنه يحيل كل شيء الى تَعْس ” قال مِكفايتز وقد سأم من سطوته المطبقة على أوكونر، إلا أن كل ماأتى به هيدون هو إيماءة متثاقلة وهي يضع الصدَفة مكانها ويعود للفتاة ثانية.
كان حمّام المطر على النوافذ والضوء السالك عبر ضبابها يركنان متبلدين عند البحر الأزرق فوق أغلفة الجدران، وكانت شجرات الأيلكس الحمراء والصفراء تلوح عاليةً كصارياتٍ في أوج ريعانها لمراكب تعبّ البحر. وعندما مسحَ احد الأطفال على الزجاج بانَت من الفسحة صفوف الملفوف في الحديقة فيما بين شجر التفاح، وكان التفاح الأخضر الذي يطهى على الشجر زاهيا و برّاقا بين الأوراق تحت المطر.
“إن مفردة التعلّم والمعرفة تشتقّ من الجذر اللاتيني الذي يعني (القيادة قُدُما)، لكن يبدو أن الناس في تأويلهم الحديث للمفردة قد نسوا ذلك” جاهد إنغولسبي في مقولته تلك.
وإذ خلّف الشعراء ورائه فقد أزيح بعض الثقل من صدر رايان ، إلا أن عيناه ماتلبثان تعتذران للحجرة حواليه، إذ كان لـيجعل مقامه اكثر نصاعة في عصره هو.
إنّ تقليب الصفحات دون قراءة هو لذاذة تؤخر بها لذّة مرجوّة. الأبطال يملأون هذه الصفحات اسبوعا بعد اسبوع، روكفست روغان، آلف توبر، وِلسون والرجل
06 ماي 2011 تعليق واحد
لأنك لم تعرفى زمن افتقـادك!
” وفيما هو يقترب نظر إلى المدينة وبكى عليها قائلا : إنك لو علمت أنت أيضا حتى فى يومك هذا ما هو لسلامك . ولكن الآن قد أُخفى عن عينيك . فإنه ستأتى أيام ويحيط بك أعداؤك بمترسة ويحدقون بك ويحاصرونك من كل جهة . ويهدمونك وبنوك فيك ولا يتركون فيك حجرا على حجر لأنك لم تعرفى زمن افتقادك .” (1)
قال الشيخ :
ـ كنت شابا.. قويا.. عفيا.. حين رأيت أبى مطروحا.. مبقور البطن.. نازف الأنف.. اشتعلت نارا.. أمسك بى من لم أرَ ملامحهم.. قالوا : لو ذهبت للانتقام الآن ستكون من الخاسرين.. لابد من التهيؤ والاستعداد.. ليكون فى هبَّتِنَا الخلاص..
صَمَتَ الشيخ.. سرحَ فيما لم يجرؤ يوما على البوح به..
كل شىء كان قد ضاع بالفعل..
خلف جثة أبيه كانت الدار مهدومة.. وحولها أشجار الزيتون مشتعلة.. وهناك كان الحقل مبقور البطن كأبيه.. مهروسة نبتاته فى ترابه.. وألسنة النار ترتفع من المسجد.. وقارع الأجراس مقتول فى برج الكنيسة العتيقة.. وبجوار جسد أبيه النازف جلست أمه تولول.. تخبط فخذيها بكفيها وتنوح.. ترفع يديها للسماء وتستغيث..
” مكتوب بيتى بيت الصلاة يُدعى.. وأنتم جعلتموه مغارة لصوص”(2)
طالعتنى فوهات بنادقهم..
لكثرة ما سمعت فحيح تهديدها تعلمت لغتها.. بادلتها الفحيح :
” إذا فعلتِ فعلتُ “!
ظلت ترمقنى بعيونها الكارهة.. وأرمقها بعينىَّ الواثقتين.. أسمع لهاث توترها.. أشْـتَمُّ رائحة بُغْضِها.. أروح وأجىء أمامها.. تتابعنى.. أشعر بها ترمقنى فى ظهرى.. اُبرق لها بنفس الرسـالة :
” إن فعلتِ فعلتُ “!
على أحجار المسجد تستند فوهاتها السوداء.. بينما تختفى أجساد حامليها خلف الأسوار.. تنتهز فرصة سجودى.. ينطلق زعيقها.. تخترق حروفها الحارقة ظهرى.. أنكفئ.. وقبل أن أموت أبعث لها بآخر رسالة.. وأستقبل صراخها الملتاث..
” الحق الحق أقول لكم : إن واحدا منكم سيسلمنى ” (3)
أتى الربيع جالبا معه نفس الهدية..
رائحة زهوره.. هواؤه.. همسات الصيف التى تتخلله.. تحمل ذات الهم الذى يتربص بنا دوما.. هُوَ هُوَ.. نفس الهم الربيعى الدامى.. نفس الخيانة..
منذ عانقه يهوذا فى الربيع.. ثم التقط القلم ووقع.. وأخذ الثلاثين من الفضة.. وترك كنوز المجد الأعظم.. وصار يعد ثروته ويحصيها.. ويقول :
” مالى به؟ أتعبنى وأتعبنا جميعا ”
وعندما أدرك جرمه ألقى فضته فالتقطوها.. واشتروا بها حقل الدم (4).. وصاروا يدفنون فيه كل ساعة شهيدا!
” إنى مستعد أن أمضى معك حتى إلى السجن وإلى الموت! فقال أقول لك يا بطرس : لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفنى ” (5)
لم تفارقه ابتسامته..
تماما مثلما لم يفارقه شاله المنقوش بالمربعات البيضاء والسوداء..
كان يعرف حدود هؤلاء الذين حوله.. يعرف حدود قدرتهم.. وحينما يلمح وجوه أصدقائه تطالعه من طاقات حصون أعدائه.. لا يندهش.. لكن يوَسِّعُ ابتسامته!
هو التاريخ.. لايملُّ تكرار نفسه.. ونادر من يتذكره منا..
وهاهو ” بيلاطس ” (6) يغسل يديه متبرئا..
صار الجميع ” بيلاطس “!
ولم تفارقه ابتسامته..
فالجثث الملقاة على المداخل.. والبيوت المهدومة.. والشيطان المنشب حربته فى بطون الصامدين.. كل هذا قد يفرق القرناء.. قد يطمس الأُخُوَّة.. لكنه أبدا لايغتال الحق!
مادام “هو” : لا يزال يبتسم!
” ياربُّ.. كم مرة يخطئ إلىّ أخى وأنا أغفر له؟ هل إلى سبع مرات؟ قال له يسوع : لا أقول إلى سبع مرات . بل إلى سبعين سبع مرات ” (7)
سبعون سبع مرات.. هل تكفى؟
الأمهات مازلن يلدن إخوة..
وما زلتَ أيها الشقيق وحيدا..
وأمام الدار يقطع الجلاد أخشابه.. صانعا الصليب.. وعيناه اللامعتان تتوقان لرؤية دمائك..
ترى.. هل تكفى سبعون سبع مرات من الخطأ لتنفد أخطاؤنا ونكسر الصليب؟
ولأن نساءنا مازلن يلدن.. فقد امتلأت أرضنا إخوة..
وظللت تسامح.. ولا تحصى الأخطاء.. فسبعون سبع مرات من الخطإ ما عادت تكفيهم!
” فاذهبوا وتلمذوا جميع الأمم . وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس . وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به . وهأنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر ” (8)
فوق الصليب مدقوقة يداك وقدماك..
و” باراباس ” (9) أطلق ليحتفل بالعيد!
ودماؤك تقطر فتختزنها ذاكرة التراب لتُجَرِّعها للناس ندما وعذابا..
شالك المنقوش بالأبيض والأسود فوق رأسك إكليل.. وفوق رؤوسنا عار.. أنت منا..
أسلمناك.. وأنكرناك.. واخترنا ” باراباس ” ليرتع فى الأرض دونك.. ثم جئنا نبكيك مصلوبا!
ما عدنا نحزن..
ما عاد ” الحزن ” تعبيرًا شافيًا.. فلننحت من مآقينا تعبيرا يناسب المشهد..
نظيفة يدى ” بيلاطس “.. سعيد ” باراباس ” بالعيد.. طروبة نسمات الفصح.. نحن فقط الشائهون.. جرثومة الجبن رعيناها حتى انطلقت وباء يقتل كل خلية تهم بالفعل!
لا نستطيع مسح دموع المجدلية.. ما زالت تبكى.. وما زلنا ندير وجوهنا كى لا ترى العجز فى أعيننا!
سنموت نحن.. وتقوم أنت.. وتظل قائما.. وتتجدد الأجيال من حولك.. حتى يأتى الجيل الذى لا يسلمك ولا ينكرك.. وعندئذ تكون القيامة قد حانت!
أبريل 2002
هوامش :
(1) إنجيل لوقا الإصحاح التاسع عشر .
(2)إنجيل متى الإصحاح الحادى والعشرون .
(3) إنجيل يوحنا الإصحاح الثالث عشر .
(4) حقل الدم هو اسم مقبرة الغرباء التى اشتراها اليهود بالثلاثين فضة التى دفعوها ليهوذا الاسخريوطى ثمنا لبيع المسيح ، ثم ردَّها إليهم نادما .
(5) إنجيل لوقا الإصحاح الثانى والعشرون .
(6) بيلاطس الحاكم الرومى للقدس زمن المسيح عليه السلام .
(7) إنجيل متى الإصحاح الثامن عشر .
(8) إنجيل متى الإصحاح الثامن والعشرون .
(9) باراباس : المجرم الذى اختاره اليهود ليطلق سراحه فى العيد ورفضوا إطلاق سراح المسيح بدلا منه .
لا شك أنه فوجئ..
مسكنه الدافئ.. الناعم.. يثور.. تضربه حوائطه.. تدفعه.. تنطره
وبحيرة ” خمارويه ” الأسطورية التى كان يسبح فيها يغيض ماؤها.. ويصبح ملقيا فى قاع مسكنه.. تطبق عليه الجدران.. تفعصه.. تنتبه حواسه.. يعرف معنى الألم! يتقلب داخل بيته.. يرتطم أماما وخلفا.. تكاد الجدران تخنقه.. كفاه الصغيران لم يعرفا التشبث بعد.. تتسارع حركة الجدران الثائرة.. لا فرصة للراحة.. الضربات توجع ظهره البض.. وتحتدم الثورة.. ويزداد الضغط.. ويصاحب الألمَ اختناقٌ.. يعرف معنى الاختناق..
تعانى مؤخرته ضغطا هائلا.. بيته اللين يتصلبُ.. يَدْفَعُ.. يَطْرُدُ..
ينفلتُ خارجًا!
فى نفس لحظة انفلاته.. تخترق صرخة حادة أذنيه.. يعرف معنى الصوت.. تقبض على ساقيه قوة.. يشعر بلسعات على جسده.. يُؤخذ.. يُقْلَب.. يغمر فى الماء.. يطمئن.. يظن أنه عاد لبحيرته الأسطورية.. يُرْفَع.. شىء يتردد فى حلقه.. يُخْرِجُ صوتا.. يرفعه ويرفعه.. يعلن الغضب.. يعرف معنى الغضب.. ترفس القدمان البضتان.. ينقبض الكفان.. ينثنى الكوعان فى ضيق.. ينسكب شعاع الضوء فى الحدقتين الصغيرتين.. فتميزان النور.. ينزعج أكثر.. يتقارب الحاجبان الزغبيان فى تقطيبة مؤثرة.. يرتفع الصوت.. تزداد الرفسات عنفا.. تتسارع حركات الذراعين المتبرمتين.. تبخرالأمان وانفتحت طاقات الرعب.. يعرف معنى الخوف.. ينقبض القلب.. تتلألأ الدموع المنحدرة على الوجنتين البضتين..
يسـتند الجسـد المتألم إلى صدر دافئ.. تمتص الشفتان حلمتين تجودان برحيق الراحة.. يستكين القلب الصغير لهمسات قلب كبير.. يتسرب الخدر إليه.. ينام.. وشهقات الخوف تنفض جسده المكدود..
يونيه
بَعْـثٌ
القوارير تشع نورها المحبوس.. والبائعون دوما يزيلون التراب عنها.. فتزداد وميضا ويزداد النور بداخلها إشعاعا..
الغريب يدور فى السوق.. يبحث عن قوارير الظلام.. يحمل فى يده كيسه المملوء ذهبا.. يتلفت.. يتنهد.. يتمتم :
” أليس فيكم من يبيع الظلام؟ “
بعيدا عن مرمى النور.. جلس بائع الظلام أمام قواريره السوداء.. جرى الغريب إليه.. فرط ذهبه أمامه..
” هذا ظلام يكفى لإعتام الدنيا.. يالها من صفقة! “
بدأ ينتزع السدادات ليطلق الظلام المحبوس.. ولما ضايقه جُبْنُ العتمة المتوارية فى القوارير السوداء قرر أن يقضى على النور.. وتسارعت يداه تقذف قوارير النور بقوارير الظلام.. فانفلت النور منتشرا.. وصار الكون كله
فبراير 2001
تَسَـلُّل..
تسَـلَّلَ إلى غرفتى ونام على البساط بجوار السرير.. واغرورقت عيناه حين هممت بطرده.. وتساءل بذلة :
ـ أين أنام إذن يا سيدى؟
مد يده إلى طعامى وألقى بعضه فى فمه.. وعندما رمقته بغضب ابتسم.. وقال لى :
ـ أنت سيدى!
صرت آكل نصف ما كنت آكله.. وصار هو ينتقى الأطيب من الطعام.. ورغم أنه يدعى عدم تعمده الانتقاء إلا أننى أصبحت آكل يابس الطعام وهو يأكل سمينه.. ويقول مبتسما :
ـ نحن شركاء
قفز إلى فراشى والتحف بغطائى.. وقال لى :
ـ نَمْ أنت على البساط مرة!
وتكررت المرات وصرت لا أحسب عددها..
لم يعد يرفع بقايا ” طعامه ” .. ولا يرتب ” فراشه “.. ولا ينظف ” حجرته “.. وصرت أنا أقوم بالأعباء وحدى.. وأخاف نظرة الخبث فى عينيه.. وأرتاح حين يمتدح نشاطى!
أسرع لاستقبال ضيوفه وتحيتهم.. كانوا يظنوننى ضيفه ويظنونه صاحب المكان.. وكان هو يقول لى : ـ لا بأس.. أنا وأنت واحد!
صار لا ينتظرنى لنتناول الطعام.. وأحيانا يأكله كله.. وصار يغلق باب الحجرة على نفسه وأنام أنا خارجها.. وصار يأمرنى بتنظيف المكان وترتيبه.. ويدعونى أمام أصدقائه : مساعده! ويقول عنى أننى مساعد لا بأس به لولا أننى حرون!
فوجئت به يوما يهوى بكفه على قفاى! التفت ثائرا رافعا كفى فإذا به يقبض على معصمى ويقول :
ـ مزحة! ألا تحب المزاح؟
تكرر مزاحه فى رواحه وغُدُوِّه..
وتحوصل الغم بداخلى..
وازداد حنينى للماضى الكريم..
قال لى :
ـ أريد أن نعقد اتفاقا.. يكون من حقك بمقتضاه أن تنام فى الردهة ويكون من حقى كل صباح أن أبصق على وجهك! لأننى بصراحة لا أحب أن أبصق على أرضية ” حجرتى ” وألوثها!
قلت له :
= أنام فى الردهة؟ أنا أنام على الأريكة.. بجوار باب ” حجرتك ” التى كانت فى الأصل حجـ…..
قاطعنى بنظرة متوعدة ولوح بسبابته..
قلت : أنا أنام على الأريكة..
ابتسم وقال :
ـ إذن سأتنازل لك.. وتنام على الأريكة.. ونبرم الاتفاق!
وصار يستغل الحق الذى يمنحه له الاتفاق كل صباح.. فى مقابل نومى على الأريكة!
تضخم بداخلى الاستياء من نفسى..
وحين جمع أصدقاءه ليشكو لهم ارتفاع شخيرى أثناء الليل بصورة تؤرقه.. وأصر على طردى من البيت.. رجاه أصدقاؤه وألحوا عليه أن يسمح لى بالنوم فى الردهة فى مقابل تنظيفى لحذائه كل يوم أمام الدار وهو واضع فيه قدميه!
المرارة تحتل كل خلاياى.. هذا بيتى.. أأتركه وأهج؟
أنا الآن نائم أمام سور الحديقة.. وهو يطلب منى أن نبرم اتفاقا ليسمح لى بالاستمرار فى النوم أمام سور ” حديقته ” فى مقابل تقبيلى لقدمه ـ راكعًا ـ كل صباح!
خرجت الـ : ” لا ” من فمى ثائرة صاخبة..
رمقنى بغيظ ودهشة.. نظرت إلى بيتى فإذا به بعيد بعيد.. وإذا أصدقاؤه متناثرون فى الطريق إليه
وفى طريق الآلام الطويل قررت أن أعود!
2002
الغربان
ـ عا.. عا..
أطلقت الغربان أصواتها.. ضربت الهواء بأجنحتها السوداء.. تركت قمم الأشجار وهبطت إلى جانب الطريق السريع.. عادت تطلق حناجرها :
ـ عا.. عا..
الغربان الستة تقف صفا.. ترقب نهر الطريق وكأنها تنتظر حافلة! ويصيح غراب متعجل نفس الصيحة التى تجمع بين صوت الجاموس وأنين السواقى.. ويحجل من حطَّ فى المؤخرة ليوازى صف الزملاء.. والجسد الحيوانى الصغير متهتك متناثر فى وسط الطريق.. لا يظهر إن كان لقط أو كان لكلب.. تساوى الأمر.. هو الآن ميتٌ ينتظر إرادة الأحياء.. يتزايد عدد الغربان.. تحتشد على حافة الأسفلت.. تتركز نظراتها على الأشلاء الدامية.. يخلو الطريق من السيارات.. يحجل الحشد نحو القتيل.. ينتش أجزاءه.. تنقطع أصوات الغربان الآكلة.. ترصدها الغربان المحلقة.. تحط قريبا منها وتحجل حتى تصل إليها.. تقترب السيارات فتطير.. تنتظر على التراب تترقب.. ثم تحجل.. تنتش وتزدرد.. تتواجه المناقير للتحذير.. يتراجع البعض فى تسليم.. يلتقطون ما يتناثر من مناقير السادة وينتظرون! بطون السادة لاتمتلئ.. والضعفاء لا يحلمون إلا بسَدِّ الرمق.. يطير الجميع لتندفع السيارة.. يحط الجميع.. عرف كل غراب موضعه.. يعود من كان فى الخلف إلى مكانه.. يتقدم معشر الصدارة.. تفسح لهم غربان الجوع فى خضوع.. تنفلت قطعة لحم من أحد المناقير الطاغية.. يتصارع حشد المؤخرة عليها.. الأجنحة تضرب.. الحناجر تنوح : عا.. عا.. ينتبه فريق الأقوياء.. يتقدم الأسود الطاغى.. يتراجع الجبناء.. تستقر قطعة اللحم فى جوفه.. يستدير ليكمل وجبته.. يتضاعف غربان المؤخرة مرات.. ويزداد غربان المقدمة آحادا.. يتمرس الجميع فى الطيران عند قدوم السيارات والهبوط لنفس موقعه عند انقطاعها..
الصفوف الأولى لا تشبع.. والفريسة تكاد تلتهم بالكامل.. والغراب الشيخ لم يأكل منذ يومين.. لم يعد جناحاه يسعفانه بالطيران والبحث.. وعيناه صارتا عاجزتين عن رصد الفرائس.. والفريسة التى أمامه تكاد تنتهى.. وهو لا يريد أكثر من نسيرة صغيرة تسكت صراخ أحشائه.. لكن موقعه فى الحلقة الخارجية.. بل هو بمفرده فى الخارج.. فيما مضى كان يقف وحده أمام الفرائس.. وفى كل عام يتراجع خطوة.. حتى صار هذا مكانه!
لما طارت الغربان جميعا.. تقدم هو.. حجل بطيئا.. وقبل أن يصل إلى موضع الفريسة الملتهمة كانت أشلاؤه قد تناثرت.. وعادت الغربان إلى نفس صفوفها لتتعامل مع الوجبة الجديدة!
أغسطس 2000
05 ماي 2011 أضف تعليق
John Ruskin (1819 – 1900) & أبو القاسم الشابي
قصيده : خلقنا لنبلغ شأو الكمال
خلقنالنبلغَ شَأوَ الكمالِ *** وَنُصبحَ أهلاً لمجدِ الخُلُودْ
وتطهرُ أرواحنا في الحياة *** بنار الأسى ……
وَنَكْسَبَ من عَثَراتِ الطَّريقِ *** قُوى ً، لا تُهُدُّ بدأبِ الصّعود
ومجداً، يكون لنا في الخلود *** أكاليلَ من رائعاتِ الورود
قصيده : يا عذارى الجمال، والحبِّ
ياعذارى الجمال، والحبِّ، *** والأحلامِ، بَلْ يَا بَهَاءَ هذا الوُجُودِ
قد رأَيْنا الشُّعُورَ مُنْسَدِلاتٍ *** كلّلَتْ حُسْنَها صباحُ الورودِ
ورَأينا الجفونَ تَبْسِمُ..، أو تَحْلُمُ *** بالنُّورِ، بالهوى ، بِالنّشيدِ
وَرَأينا الخُدودَ، ضرّجَها السِّحْرُ، *** فآهاً مِنْ سِحْرِ تلكَ الخُدود
ورأينا الشِّفاه تبسمُ عن دنيا *** من الورد غضّة ٍ أملُود
ورأينا النُّهودَ تَهْتَزُّ، كالأزهارِ *** في نشوة الشباب السعيدِ
فتنة ٌ، توقظ الغرام، وتذكيه *** وَلكنْ مَاذا وراءَ النُّهُودِ
ما الذي خلف سحرها الحالي، السكران، *** في ذلك القرارِ البعيدِ..؟
أنفوسٌ جميلة ٌ، كطيور الغابِ *** تشدوُ بساحر التغريدِ
طاهراتٌ، كأَنَّها أَرَجُ الأَزَهارِ *** في مَوْلِدِ الرّبيعِ الجَديد؟
وقلوبٌ مُضيئة ٌ، كنجوم الليل *** ضَوَاعة ٌ، كغضِّ الورودِ؟
أم ظلامٌ، كأنهُ قِطَعُ الليل، *** وهولٌ يُشيبُ قلبَ الوليدِ
وخِضَمُّ، يَمُوج بالإثْمِ والنُّكْ *** رِ، والشَّرِّ، والظِّلالِ المَديدِ؟
لستُ أدري، فرُبّ زهرٍ شذيِّ *** قاتل رغمَ حسنه المشهودِ
صانَكنَّ الإلهُ من ظُلمة ِ الرّوحِ *** وَمِنْ ضَلّة الضّميرِ المُرِيدِ
إن ليلَ النّفوسِ ليلٌ مُريِعٌ *** سرمديُّ الأسى ، شنيع الخلودِ
يرزَحُ القَلْبُ فيه بالأَلَم المرّ، *** ويشقي بعِيشة المنكودِ
وَربيعُ الشَّبابِ يُذبِلُهُ الدُّهْرُ، *** ويمضي بِحُسْنِهِ المَعْبُودِ
غيرَ باقٍ في الكونِ إلا جمالُ *** الرُّوح غضًّا على الزَّمانِ الأَبيدِ
قصيده : يود الفتى لو خاض عاصفة الردى
يودُّالفَتَى لو خاضَ عاصفة َ الرّدى *** وصدَّ الخميسَ المَجْرَ، والأسَدَ الوَرْدَا
لِيُدْرِكَ أمجادَ الحُروبِ، وَلَوْ دَرى *** حَقِيقَتَها مَا رام مِنْ بيْنهامَجْدا
فَما المجدُ في أنْ تُسْكِرَ الأرضَ بالدِّما *** وتركَبَ في هيجائها فرَساًنهْدَا
ولكنّه في أن تَصُدَّ بهمَّة ٍ *** عن العالَمِ المرزوءِ، فيْضَ الأسى صدَّا
قصيده : في سكون الليل
فيسكونِ الليل *** لما عانقَ الكونَ الخشُوع
وَاخْتَفَى صَوْتُ الأَمَانِي *** خَلْفَ آفَاقِ الهُجُوعْ
رَتَّلَ الرَّعْدُ نَشِيداً *** رَدَّدَتْهُ الكَائِنَاتْ
مِثْلَ صَوْتِ الحَقِّ إنْ صَا *** حَ بأعماقِ الحيَاة
يتهَادى بضَجيجٍ *** في خلاَيا الأودَيهْ
أَمْ هِيَ القُوَّة ُ تَسْعَى *** بِاعْتِسَافٍ واصْطِخَابْ
صَوْتِهَا رُوحُ العَذَابْ؟»
مِثْلَ جَبَّارِ بَنِي الجِنِّ بأَقْصَى الهَاوِيَة ْ
قصيده : ضحِكْنا على الماضي البعيدِ
ضحِكْناعلى الماضي البعيدِ، *** وفي غدٍ ستجعلُنا الأيامُ أضحوكة َ الآتي
وتلكَ هِيَ الدُّنيا، رِوَايَة ُ ساحرٍ *** عظيمٍ، غريب الفّن، مبدعِ آياتِ
يمثلها الأحياءُ في مسرح الأسى *** ووسط ضبابِ الهّم، تمثيلَ أمواتِ
ليشهدَ مَنْ خَلْفَ الضَّبابِ فصولَها *** وَيَضْحَكَ منها مَنْ يمثِّلُ ما ياتي
وكلٌّ يؤدِّي دَوْرَهُ..، وهو ضَاحكٌ *** على الغيرِ، مُضْحُوكٌ على دوره العاتي
قصيده : شعري نفاثة صدري
شعرينُفَاثة صدري *** إنْ جَاشَ فِيه شُعوري
لولاه ما أنجاب عنّي *** غَيْمُ الحياة ِ الخطيرِ
ولا وجدتَ أكتئابي *** ولا وجدت سروري
بِهِ تَراني حزيناً *** أبكي بدمعٍ غزيرِ
به تراني طروباً *** أجرّ ذيلَ خُبوري
لا أنظمُ الشعرَ أرجو *** به رضاءَ الأمير
بِمِدْحَة ٍ أو رثاءٍ *** تُهْدَى لربّ السريرِ
حسْبي إذا قلتُ شعراً *** أن يرتضيهِ ضَميري
مالشعرُ إلا فضاءٌ *** يَرفُّ فيه مَقالي
فيما يَسُرُّ بلادي *** وما يسرُّ المعالي
وما يُثِيرُ شُعوري *** من خافقاتِ خيالي
لا أقرضُ الشعرَ أبغي *** به اقتناصَ نَوال
الشِّعرُ إنْ لمْ يكنْ في *** جمالِهِ ذَا جَلالِ
فإنَّما هُوَ طيفٌ *** يَسْعَى بوادي الظِّلال
يقضي الحياة َ طريداً *** في ذِلّة ، واعتزال
يا شعرُ! أنت مِلاكي *** وطارِفِي، وتِلادي
أنا إليكَ مُرادٌ *** وأنتَ نِعْمَ مُرادي
قِف، لا تَدَعْني وحيداً *** ولا أدعك تنادي
فَهَلْ وجدتَ حُساماً *** يُناط دون نجادِ
كَمْ حَطَّمَ الدَّهْرُ *** ذا هِمَّة ٍ كثيرَ الرّمادِ
ألقاه تَحْتَ نعالٍ *** من ذِلَّة وحِدادِ
رِفقاً بأَهْلِ بلادي! *** يا منجنون العَوادي!
05 ماي 2011 أضف تعليق
شعر أحمد مطر و لوحات الروسي Stanislav
05 ماي 2011 أضف تعليق
درس بلوتينكو الاقتصاد القومي في جامعة موسكو ,,
وفي نفس الوقت كان يتلقى دروس خاصة في الرسم ,,
وكان اول عمل له في عام 1984 ومن عام 1995 الى عام 1990 عمل
كمصمم للاعلانات والاعمال التجارية والتحق بالعمل في جمعية فناني الجرافيك للامم المتحدة عام 1991 ,,
فاز بجائزة الفرشة الذهبية في عام 1997,Plutenko يستعمل مختلف انواع الالوان (مائية , زيتية,…,) في لوحاته
حسب النقاد فان Plutenko لديه اهتمام بمختلف مدارس الرسم فهو يخلط بين السيريالية ومتاثر بالفنان العالمي salvador dali والواقعية ويرسم من طراز
الهندي القديم على طريق الفنانMichel Jean Cazabon
لم يعد يذكرنا حتّى المكان !
كيف هنا عنده ؟
و الأمس هات ؟
قد دخلنا ..
لم تنشر مائدة نحونا !
لم يستضفنا المقعدان !!
الجليسان غريبان
فما بيننا إلاّ . ظلال الشمعدان !
أنظري ؛
قهوتنا باردة
ويدانا – حولها – ترتعشان
وجهك الغارق في أصباغه
رسما
( ما ابتسما ! )
في لوحة خانت الرسّام فيها ..
لمستان !
تسدل الأستار في المسرح
فلنضيء الأنوار
إنّ الوقت حان
أمن الحكمة أن نبقى ؟
سدة !!
قد خسرنا فرسينا في الرهان !
قد خسرنا فرسينا في الرهان
مالنا شوط مع الأحلام
ثان !!
نحن كنّا ها هنا يوما
و كان وهج النور علينا مهرجان
يوم أن كنّا صغارا
نمتطي صهوة الموج
إلى شطّ الأمان
كنت طفلا لا يعي معنى الهوى
و أحاسيسك مرخاه العنان
قطّة مغمضة العينين
في دمك البكر لهيب الفوران
عامنا السادس عشر :
رغبة في الشرايين
و أعواد لدان
ها هنا كلّ صباح نلتقي
بيننا مائدة
تندي .. حنان
قدمان تحتها تعتنقان
و يدانا فوقها تشتبكان
إن تكلّمت :
ترنّمت بما همسته الشفتان الحلوتان
و إذا ما قلت :
أصغت طلعة حلوة
وابتسمت غمّازتان !
أكتب الشعر لنجواك
( و إن كان شعرا ببغائيّ البيان )
كان جمهوري عيناك ! إذا قلته : صفّقتا تبتسمان
و لكن ينصحنا الأهل
فلا نصحهم عزّ
و لا الموعد هان
لم نكن نخشى إذا ما نلتقي
غير ألاّ نلتقي في كلّ آن
ليس ينهانى تأنيب أبي
ليس تنهاك عصا من خيزران !!
الجنون البكر ولّى
و انتهت سنة من عمرنا
أو .. سنتان
و كما يهدأ عنف النهر
إنّ قارب البحر
وقارا .. واتّزان
هدأ العاصف في أعماقنا
حين أفرغنا من الخمر الدنان
قد بلغنا قمّة القمّة
هل بعدها إلاّ … هبوط العنفوان
افترقنا ..
( دون أن نغضب )
لا يغضب الحكمة صوت الهذيان
ما الذي جاء بنا الآن ؟
سوى لحظة الجبن من العمر الجبان
لحظة الطفل الذي في دمنا
لم يزل يحبو ..
و يبكو ..
فيعان !
لحظة فيها تناهيد الصبا
و الصبا عهد إذا عاهد : خان
أمن الحكمة أن نبقى ؟
سدى
قد خسرنا فرسينا في الرهان
***
قبلنا يا أخت في هذا المكان
كم تناجى ، و تناغى عاشقان
ذهبا
ثمّ ذهبا
و غدا ..
يتساقى الحبّ فيه آخران !
فلندعه لهما
ساقيه ..
دار فيها الماء
مادار الزمان !!
اللّيلة عيد
لكنّا نخفي جمرات التنهيد !
صبى النشوة نخبا .. نخبا
صبى حبّا
قد جئنا اللّيلة من أجلك
لنريح العمر المتشرّد خلف الغيب المهلك
في ظلّ الأهداب الإغريقيّة !
ما أحلى استرخاءه حزن في ظلّك
في ظلّ الهدب الأسود
………………. ماذا يا ماريّا ؟
الناس هنا كالناس هنالك في اليونان
بسطاء العيشة ، محبوبون
لا يا ماريّا
الناس هنا – في المدن الكبرى – ساعات
لا تتخلّف
لا تتوقّف
لا تتصرّف
آلات ، آلات ، آلات
كفى يا ماريّا
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان !
……………………..
ماذا يا سيّدة البهجة ؟
العام القادم في بيتي زوجة ؟ !
قد ضاعت يا ماريّا من كنت أودّ
ماتت في حضن آخر
لكن ما فائدة الذكرى
ما جدوى الحزن المقعد
نحن جميعا نحجب ضوء الشمس و نهرب
كفى يا ماريّا
نحن نريد حديثا نرشف منه النسيان
………………
قولي يا ماريّا
أوما كنت زمانا طفلة
يلقي الشعر على جبهتها ظلّه
من أوّل رجل دخل الجنّة واستلقى فوق الشطآن
علقت في جبهته من ليلك خصله
فضّ الثغر بأوّل قبله
أو ما غنّيت لأوّل حبّ
غنّينا يا ماريّا
أغنية من سنوات الحبّ العذب
……………………
……………………
…………………..
ما أحلى النغمة
لتكاد تترجّم معناها كلمة .. كلمة
غنّيها ثانية … غنّي
( أوف .
لا تتجهّم
ما دمت جواري ، فلتتبسم
بين يديك و جودي كنز الحبّ
عيناي اللّيل .. ووجهي النور
شفتاي نبيذ معصور
صدري جنّتك الموعودة
و ذراعي وساد الربّ
فينسّم للحبّ ، تبسّم
لا تتجهّم
لا تتجهّم )
……………………..
ما دمت جوارك يا ماريّا لن أتجهّم
حتّى لو كنت الآن شبابا كان
فأنا مثلك كنت صغيرا
أرفع عيني نحو الشمس كثيرا
لكنّي منذ هجرت بلادي
و الأشواق
تمضغني ، و عرفت الأطراق
مثلك منذ هجرت بلادك
و أنا أشتاق
أن أرجع يوما ما للشمس
أن يورق في جدبي فيضان الأمس
…………………..
قولي يا ماريّا
العام القادم يبصر كلّ منّا أهله
كي أرجع طفلا .. و تعودي طفله
لكنّا اللّيلة محرومون
صبى أشجانك نخبا .. نخبا
صبى حبّا
فأنا ورفاقي
قد جئنا اللّيلة من أجلك !
واصعد ذلك الدرج الصغير
قلت : القيود تشدّني
و الخطو مضنى لا يسير
مهما بلغت فلست أبلغ ما بلغت
وقد أخور
درج صغير
غير أنّ طريقه .. بلا مصير
فدعي مكاني للأسى
وامضي إلى غدك الأمير
فالعمر أقصر من طموحي و الأسى قتل الغدا
***
قالت : سأنزل
قلت : يا معبودتي لا تنزلي لي
قالت : سأنزل
قلت : خطوك منته في المستحيل
ما نحن ملتقيان
رغم توحّد الأمل النبيل
… …
نزلت تدقّ على السكون
رنين ناقوس ثقيل
و عيوننا متشابكات في أسى الماضي الطويل
تخطو إليّ
و خطوها ما ضلّ يوما عن سبيل
و بكى العناق
و لم أجد إلاّ الصدى
إلاّ الصدى
05 ماي 2011 أضف تعليق
in أدب
نحن نبغي المزيد من أحلى الكائنات،
كيلا تموت وردة الجمال أبداً،
فمثلما يذوي من اكتملت حياته بانقضاء السنوات،
لا بد لخَلَفِهِ الرقيق أن يحمل ذكراه؛
.
أما وأنت مشدود إلى ذات عينيك الوضاءتين،
تُغَذّي شعلة ضوئهما بوقود من صميم نفسك،
متناقصا من الوفرة الكامنة،
صرت عدواً لنفسك، شديد القسوة على ذاتك العذبة.
.
ولأنك الآن زينة الوجود النضرة
والبشير الرئيسي للربيع المزدان،
تدفن ما تنطوي عليه في برعمك الخاص
فتتلفه، أيها البخيل الحنون، باختزانك إياه.
.
فلتأسف لهذا العالم، أو حيثما يكون هذا الفاتك،
الذي يلتهم حق الدنيا فيما بين حياتك ومماتك.
*
ترجمة: بدر توفيق
I
From fairest creatures we desire increase,
That thereby beauty’s rose might never die,
But as the riper should by time decease,
His tender heir might bear his memory:
But thou contracted to thine own bright eyes,
Feed’st thy light’s flame with self-substantial fuel,
Making a famine where abundance lies,
Thy self thy foe, to thy sweet self too cruel:
Thou that art now the world’s fresh ornament,
And only herald to the gaudy spring,
Within thine own bud buriest thy content,
And, tender churl, mak’st waste in niggarding:
Pity the world, or else this glutton be,
To eat the world’s due, by the grave and thee
05 ماي 2011 أضف تعليق
in أدب
تعليقات الزوار