شعر : أحمد مطر

– شعر : أحمد مطر

أنا إرهابي ..!
الغربُ يبكي خيفـةً 
إذا صَنعتُ لُعبـةً 
مِـن عُلبـةِ الثُقابِ . 
وَهْـوَ الّذي يصنـعُ لي 
مِـن جَسَـدي مِشنَقَـةً 
حِبالُها أعصابـي ! 
والغَـربُ يرتاعُ إذا 
إذعتُ ، يومـاً ، أَنّـهُ 
مَـزّقَ لي جلبابـي . 
وهـوَ الّذي يهيبُ بي 
أنْ أستَحي مِنْ أدبـي وأنْ أُذيـعَ فرحـتي 
ومُنتهى إعجابـي .. 
إنْ مارسَ اغتصـابي ! 
والغربُ يلتـاعُ إذا 
عَبـدتُ ربّـاً واحِـداً 
في هـدأةِ المِحـرابِ . 
وَهْـوَ الذي يعجِـنُ لي 
مِـنْ شَعَـراتِ ذيلِـهِ 
ومِـنْ تُرابِ نَعلِـهِ 
ألفـاً مِـنَ الأربابِ 
ينصُبُهـمْ فـوقَ ذُرا 
مَزابِـلِ الألقابِ 
لِكي أكـونَ عَبـدَهُـمْ 
وَكَـيْ أؤدّي عِنـدَهُـمْ 
شعائرَ الذُبابِ ! 
وَهْـوَ .. وَهُـمْ 
سيَضرِبونني إذا 
أعلنتُ عن إضـرابي . 
وإنْ ذَكَـرتُ عِنـدَهُـمْ 
رائِحـةَ الأزهـارِ والأعشـابِ 
سيصلبونني علـى 
لائحـةِ الإرهـابِ ! 
** 
رائعـةٌ كُلُّ فعـالِ الغربِ والأذنابِ 
أمّـا أنا، فإنّني 
مادامَ للحُريّـةِ انتسابي 
فكُلُّ ما أفعَلُـهُ 
نـوعٌ مِـنَ الإرهـابِ ! 
** 
هُـمْ خَرّبـوا لي عالَمـي 
فليحصـدوا ما زَرَعـوا 
إنْ أثمَـرَتْ فـوقَ فَمـي 
وفي كُريّـاتِ دمـي 
عَـولَمـةُ الخَـرابِ 
هـا أنَـذا أقولُهـا . 
أكتُبُهـا .. أرسُمُهـا .. 
أَطبعُهـا على جبينِ الغـرْبِ 
بالقُبقـابِ : 
نَعَـمْ .. أنا إرهابـي ! 
زلزَلـةُ الأرضِ لهـا أسبابُها 
إنْ تُدرِكوهـا تُدرِكـوا أسبابي . 
لـنْ أحمِـلَ الأقـلامَ 
بلْ مخالِبـي ! 
لَنْ أشحَـذَ الأفكـارَ 
بـلْ أنيابـي ! 
وَلـنْ أعـودَ طيّباً 
حـتّى أرى 
شـريعـةَ الغابِ بِكُلِّ أهلِها 
عائـدةً للغابِ . 
** 
نَعَـمْ .. أنا إرهابـي . 
أنصَـحُ كُلّ مُخْبـرٍ 
ينبـحُ، بعـدَ اليـومِ، في أعقابـي 
أن يرتـدي دَبّـابـةً 
لأنّني .. سـوفَ أدقُّ رأسَـهُ 
إنْ دَقَّ ، يومـاً، بابـي !

البكاء الأبيض – شعر : أحمد مطر

كنت طفلا 
عندما كان أبي يعمل جنديا 
بجيش العاطلين! 
لم يكن عندي خدين. 
قيل لي 
إن ابن عمي في عداد الميتين 
وأخي الأكبر في منفاه، والثاني سجين. 
لكنِ الدمعة في عين أبي 
سر دفين. 
كان رغم الخفض مرفوع الجبين. 
غير أني، فجأة،

شاهدته يبكي بكاء الثاكلين! 
قلت: ماذا يا أبي؟! 
رد بصوت لا يبين: 
ولدي.. مات أمير المؤمنين. 
نازعتني حيرتي 
قلت لنفسي: 
يا ترى هل موته ليس كموت الآخرين؟! 
كيف يبكيه أبي، الآن، 
ولم يبكِ الضحايا الأقربين؟! 
** 
ها أنا ذا من بعد أعوام طوال 
أشتهي لو أنني 
كنت أبي منذ سنين. 
كنت طفلاً.. 
لم أكن أفهم ما معنى 
بكاء الفرِحِين!

أنا مِـن تُرابٍ ومـاءْ 
خُـذوا حِـذْرَكُمْ أيُّها السّابلةْ 
خُطاكُـم على جُثّتي نازلـهْ 
وصَمـتي سَخــاءْ 
لأنَّ التُّرابَ صميمُ البقـاءْ 
وأنَّ الخُطى زائلـةْ. 
ولَكنْ إذا ما حَبَستُمْ بِصَـدري الهَـواءْ 
سَـلوا الأرضَ عنْ مبدأ الزّلزلةْ ! 
** 
سَلـوا عنْ جنونـي ضَميرَ الشّتاءْ 
أنَا الغَيمَـةُ المُثقَلةْ إذا أجْهَشَتْ بالبُكاءْ 
فإنَّ الصّواعقَ في دَمعِها مُرسَلَهْ! 
** 
أجلً إنّني أنحني 
فاشهدوا ذ لّتي الباسِلَةْ 
فلا تنحني الشَّمسُ 
إلاّ لتبلُغَ قلبَ السماءْ 
ولا تنحني السُنبلَةْ 
إذا لمْ تَكُن مثقَلَهْ 
ولكنّها سـاعَةَ ا لانحنـاءْ 
تُواري بُذورَ البَقاءْ 
فَتُخفي بِرحْـمِ الثّرى 
ثورةً .. مُقْبِلَـهْ! 
** 
أجَلْ.. إنّني أنحني 
تحتَ سَيفِ العَناءْ 
ولكِنَّ صَمْتي هوَ الجَلْجَلـةْ 
وَذُلُّ انحنائـي هوَ الكِبرياءْ 
لأني أُبالِغُ في الانحنـاءْ 
لِكَي أزرَعَ القُنبُلَـةْ!
يا قدس يا سيدتي معذرة فليس لي يدان ، 
وليس لي أسلحة وليس لي ميدان ، 
كل الذي أملكه لسان ، 
والنطق يا سيدتي أسعاره باهظة ، والموت بالمجان ، 
سيدتي أحرجتني، فالعمر سعر كلمة واحدة وليس لي عمران ، 
أقول نصف كلمة ، ولعنة الله على وسوسة الشيطان ، 
جاءت إليك لجنة، تبيض لجنتين ، 
تفقسان بعد جولتين عن ثمان ، 
وبالرفاء و ا لبنين تكثر اللجان ، 
ويسحق الصبر على أعصابه ، 
ويرتدي قميصه عثمان ، سيدتي ، حي على اللجان ، 
حي على اللجان !
تهتُ عنْ بيتِ صديقي 
فسألتُ العابرين  
قيلَ لي امشِ يَساراً 
سترى خلفكَ بعضَ المخبرينْ 
حِدْ لدى أولهمْ 
سوفَ تُلاقي مُخبراً 
يَعملُ في نصبِ كمينْ 
اتَّجِهْ للمخبرِ البادي أمامَ المخبرِ الكامنِ 
واحسبْ سبعة ، ثم توقفْ 
تجدِ البيتَ وراءَ المخبرِ الثامنِ 
في أقصى اليمينْ حفِظَ اللهُ أميرَ المخبرينْ 
فلقدْ أتخمَ بالأمنِ بلادَ المسلمينْ 
أيها النّاسُ اطمئنوا 
هذه أبوابكمْ محروسة في كلِّ حينْ 
فادخلوها بسلامٍ آمنينْ .

أضف تعليق